السبت، 10 أكتوبر 2015

في ذكرى الرحيل بقلم الأديبة التونسية فاطمة سعدالله



قبل ذكرى رحيلها بأيام ..أجدني أخط هذه الكلمات ..
لماذا قبل حلول الموعد ؟
بل هل نسيتها حتى أتذكرها ..عندما أنظر الى المرآة أراها في تقاسيمي ..عندما أعرق أجدها في مسامي ..عندما 
أنبض أسمع همسها في شراييني .."قمري " أمي...
............................ في ذكرى الرحيل ..............
قبل الموعد ..يا زائرتي أتهيّأ للعناق ..
ورغم الفراق ..
ياقمرا مجلّلا بالسواد ..أنتَ تسكنني ..
هالتك المسروقة ..عرفت طريقها الى أوردتي ..
يا أمي ..أيا "قمري"...
كنتِ ..وكان ..
كتفك ــأمي ـــ شجرةَ سنديان ..
كتفك كان ..
شجرة تزخر بعصافير الحب والدفـــــ ء 
والأمان ..
كتفك غااااااليتي طوق نجاة ..كاااان ..
والان ....ياغاليتي ...
كتفك يتوسد الصمت والفراغ والصخور ..
وأنا المفطومة قبل الأوان ..
عصفورة مازالت تحن الى
كتفك ..عشي زمان ..
كيف للفطام يا غاليتي ..
أن يحول بيني وبين حنيني إليْك إلى لِبانك ..وحاجتي ..للحنان ..؟
آآآآآآآآآآهٍ تشرين يافصل الهجرة والهجير 
والحرمان ..
تشرين والصقيع يجلدان فيّ
الصبر والانتظار والكتمان ..
ياراحلة بلا رحيل أنتِ ..
ياقمري ..وتاجي وسطوتي والصولجان ..
صوتك القادم من بعييييد البعيد ..
يسكنني ..
بعمق الأنين ..
بثقل السنين ..
يناديني ..أمي ..
أنتِ ..بداخلي تنبضين ..
تحذرين ..تنصحين ..
واليوم ..كنتِ وكاااان ..
صمتك اليوم تغريدتي ..ياجرحيَ النازف ضنى ..
كتفك ..هناك يتوسد الصمت ..والظلام والصقيع ....
وجدار تشرين بيننا ...
سد منيع ..منيع ..
جدائلك الطويلة ..يا أرجوحتي المقطوعة ..
صوتك ..يا أغنيتي الممنوعة ..
هناك ..يادمعتي ..المعلقة بيني وبيني ..
عيناك ..كانتا هنا ..
مدفأة حزم وضياء ..
كانتا هنا ..تشعان ودا وعطاء ..
يا صبري الموجوع ..
يا أنتِ ..
وأنا ..العصفورة المقرورة ..
مسروقة الجناح ..مكسورة الضلوع ..
في تشرين بلا عش أو جناح ..
ياسنديانتي ..يا ظلي ..
أنا اليتيمة ..
الفطيمة..
أناديك ..
فتشرين والصمت والصقيع ..
تتحالف كل صباح ..
تقسم كل صباح ..
أن تتقتلع مرفئي ..والاحتماء ..
ذكراك أمي كل زادي ..
ودافع البقاء ..
حتى اللقاء ..حتى اللقاء
فاطمة سعدالله ـــ تونس ...