الأحد، 15 نوفمبر 2015

ريمُ الهوى بقلم جاسم حميدي عباس




ريمُ الهوى حلَّ فانسابَتْ أغانينا
وراحَ يشدو في لحنٍ ليَشجينا
يختالُ ميلاً كمياسِ الهوى صباً
نشوَ المُعَتَقِ من كرمِ روابينا
فعانقها الهوى وانصاعَ تذلُلاً
واستسلَمَتْ للهوى جُلُّ أمانينا
جاءَتْ تُخَفِفُ من أوزارِنا أعباءً
قد رُزِئنا فيها من أعالينا
ما كنتُ أعلمُ أنَّ العشقَ مودي الفتى
حتى وُلِجنا بهِ والشوقُ يُضنينا
فجاءَنا الشوقُ بأحضانِ فاتنةٍ
كشاطئْ اليَمِّ رَسَونا مراسينا
كأنَّ دواءَ علتي بساحرةٍ 
مليحةٍ أَنّى رُحنا تُداوينا
أَسقيتَنا كأسَ المُدامَةِ مُثْلَجاً
ليلاً نَشونا بهِ والفجرُ يُقرِنا
سَلافَةٌ والكأسُ يقرعُ الكأسَ
حتى استثارتْ جنوناً في حواشينا
حتى اذا دبَّ راحُها سَلَبتنا 
الراحُ وأخلَّتْ بنا الموازينا
كأننا أجداثٌ في لظى سوحٍ
أَزرتنا غُمَّةٌ بها مُسجِّينا
لَما أَفقْتُ كأني في جُنينتِها
شلٌّ شَلولٌ أرى الدمعَ يُواسينا
ضَممتُها في أحضاني بها شَغِفٌ
ضمَّ الكواكبِ للشمسِ فتضوينا
عانقتُها والشوقُ خرَّقَ سترَها
واستغرَقَ العشقُ ما رامتْ مرامينا
أَطفأْتُ نيراني بتقبيلِها بعدما
مُدَّتْ الى موطنِ الاشواقِ أيدينا
كأننا في ليلٍ فيهِ مُتعَتُنا
تواً خُلِقْنا لِنَشوةٍ تُنادينا
تُعطيكَ من ثغرِها طيبَ المُنى وبها
سرٌّ تُفشيهِ عندما تُلاقينا
إن أَقبَلَتْ فالبدرُ يُشبِهُها وإن
مَشَتَ فَميدُ الخصرِ آنَ يُسبينا
طيبُ الذوائِبِ في مسكٍ وفي غَنَجٍ
قد أحيتنا كما شاءتْ وماشينا
كانت هنيهاتٌ أمضيتها ولقد
شَربتُ من عطفها طيباً وحنينا
لما دنى الصبحُ قالتْ قد فُضِحنا وليتَنا
تزودنا من الشوقِِ ما فينا
قامتْ تُعفى بجلابيبها موضعاً
خوفاً من الواشينَ هتكَ سترينا
وتبحثُ عن شذَرٍ قد تبَدَدَ من
جَميعِنا حذراً والصبحُ يُخزينا
اشارتُها بطرفٍ خوفَ رَقيبِها
اشارةَ حُزنٍ والظعنُ يطوينا
تباكتْ المُقَلُ الحوراءُ تأسياً
والنأيُ طالَ فلم تَبخَلْ مآقينا
حتى إذا أُسِرَتْ قلوبُنا في الدُجى
والعشقُ يدعونا والشوقُ يُصلينا
سَرَتْ مواكبُ ظعنِها كأسرابِ القِطا
حشوداً بها تشدو التَلاحينا
والبدرُ يحرِسُها خوفَ الطريقِ لكي
لا تَفزَعَ الغادَةُ من حلمِها فينا
يا حاديَ الظعنِ قد أسرَيتَ في عجلٍ
أَبلِغْ سلامي الى من فيهِ آمينا
ومنهُ ذو شجوٍ ومنه ذو وَمَقٍ
ومنهُ من وحشةِ الاطلالِ يُبكينا
ليس التَنائي فاروقَ المُحبينا
ولا التَداني يُزيدُ من تلاقينا
إذا القلوبُ نأتْ بغيرِ وفاقٍ
ما عادَ نفعٌ وقد خابتْ مساعينا
يَئنُ لو أَنَّ صدرٌ من لظى علةٍ
لحناً ويشدو بالشجا التلاحينا
إنَّ الحبيبَ إذا احبَّ يوماً تفانى
شَهِدَتْ كلُ الاعضاءِ يَقينا
يا ساكنَ القلبِ قد أحللتَ بيْ سَقماً
تكادُ من الرحيلِ ا لروحُ تُفنينا
تقولُ عاذلتي ما لكَ تبكي تذلُلاً
لكُلِ حبيبِ الأيكِ تلحينا
أصغيتُ لها والهوى يُحرِّقُني
فحدَّثني بها والشوقُ يُؤذينا
فقلتُ مهلاً لأني مُستَعِرُ الجوى
ونارُ قلبي من نارِ المُحبينا
قالتْ وقد سَلَخَ إبتسامَتَها الأسى
نروحُ في نكدٍ تُودى أمانينا
لما سَروا تاهتْ مسالكُ الرَشَدِ
لم تَبقَ إلا جسومٌ في نواحينا
وغابَ عنّا الكرى والسُهدُ علَّلنا
طالتْ ليالينا والشوقُ يَذوينا
واندرَسَتْ أطلالُها وعَفَتْ روسومُها
وأنباؤها كشهدِ ماضينا
اذا وقفتَ ترى بعرَّ الآرامِ بها
وأجدَبتَ غدرانُها لرائينا
سَجَدْتُ ألثُمُ قيعانَ الثرى لَهِفاً
كأنني ألثُمُ ثغراً فيروينا
وليتَ عمري أفنيهِ بفاتنةٍ
من خَمرِ فيها سُلافةٌ ستُنشينا
بَثَّتْ أيامُنا سمومَ لِسانِها
واستأصلتْ حبلَ الوصلِ من تدانينا

التسميات: