قَـضِـيَّـةُ الحَـدَاثـَةِ .... بـَينَ الـفَهْـمِ وَالادِّعَـاءِ...بقلم الأديب محمد دحروج
قَـضِـيَّـةُ الحَـدَاثـَةِ .... بـَينَ الـفَهْـمِ وَالادِّعَـاءِ
وَبـَيَـانُ حَـقِيقَـةِ الأُغْـلُـوطَـةِ الَّتِـي يـُرَدِّدُهَـا
بـَعْـضُ الجَـهَـلَـةِ فِـي مِصْـر
لاَ أَعْتَقِدُ أَنَّ التَّشَدُّقَ بِكَلِمَةِ بِالحَدَاثَةِ وَالشِّعْرِ الحَدَاثِيِّ وَالنَّقْدِ الحَدَاثِيِّ تَنْطَلِي عَلَى أَمْثَالِنَا مِنْ
أَهْلِ الاسْتِيَعَابِ لِلْمَنَاهِجِ التُّرَاثِيَّةِ وَالحَدَاثِيَّةِ؛وَأَجْزِمُ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ يُطَنْطِنُ بِهَذِهِ الكَلِمَةِ فِي وَقْتِنَا
الحَالِي إِنـَّمَا هُوَ جَاهِلٌ يُخَبِّيءُ جَهْلَهُ خَلْفَ التَّسَتُّرِ بِهَذِهِ الكَلِمَةِ؛وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ فِي الأَمْثَلِةَ
الجَلِيَّةِ بِكُلِّ مَيْدَانٍ مِنْ مَيَادِينِ الأَدَبِ؛فَأَقُولُ:كَانَ أَمْل دُنـْقُل حَدَاثِيَّاً بِمَعْنَى الكَلِمَةِ؛إِلاَّ أَنَّ لُغَتَهُ
كَانَت لُغَةً شِعْرِيـَّةً عَرَبِيَّةً؛تَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ شِبْهَ مُسْتَوْعِبٍ لأَسَالِيبِ العَرَبِ الفُصَحَاءِ؛
فَهَكَذَا يَكُونُ الشَّاعِرُ؛فَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الفُحُولَةِ اللَّفْظِيَّةِ يَقْدِرُ عَلَى الإِتْيَانِ بِلُغَةٍ مُجْتَمَعِيَّةٍ آنِيَّةٍ تُوَافِقُ لُغَةَ
هَؤلاَءِ المُتَشَبِّثِينَ خَوْفَاً بِكَلِمَةِ الحَدَاثَةِ؛وَأَمَّا مَنْ لاَ يَخْرُجُ عَنْ لُغَةِ السُّهُولَةِ رَغْمَ تَعَدُّدِ المَوَاطِنِ
وَمَقَامَاتِ الأَحْوَالِ؛فَإِنـَّمَا هُوَ جَاهِلٌ يُوَارِي نَقْصَهُ بِكَثْرَةِ الكَلاَمِ عَنِ الحَدَاثَةِ؛وَأَمَّا عَنِ النَّقْدِ؛فَهَا
هُوَ صَلاَح فَضْل ـ رَغْمَ مُخَالَفَتِي لَهُ ـ؛فَهُوَ نَاقِدٌ حَدَاثِيٌّ؛وَلَكِنِّي أَعْلَمُ أَنـَّهُ غَاصَ فِي بَحْرِ لُغَةِ
العَرَبِ شِعْرَاً وَنـَثْرَاً؛وَمَنْ طَالَعَ مُؤلَّفَاتَهُ وَقَفَ عَلَى الدَّلِيلِ مِنْ خِلاَلِ طَرِيقَةِ الأَدَاءِ الأُسْلُوبِيَّةِ
فِي بَعْضِ مَوَاطِنِهِ؛بـل لِيَنْظُرْ فِي اسْتِشْهَادَاتِهِ الشِّعْرِيـَّةِ؛وَسَيَعْلَمُ أَنَّ الرَّجُلَ عَلَى وَعْيٍ بِأَنَّ الحَدَاثَةَ
لاَ تَعْنِي الجَهْلَ بِالعَرَبِيَّةِ عِنْدَ فُحُولِهَا؛وَمِنْ هُنَا أَقُولُ:قَـد ظَهَرَت فِي مِصْرَ بِالآوِنَةِ الأَخِيرَةِ
أَصْوَاتٌ مُنْكَرَةٌ لاَ تَعْرِفُ غَيْرَ ثَرْثَرَةِ الأَطْفَالِ تُنَادِي بِالحَدَاثَةِ؛وَشَتَّانَ بَيْنَهُم وَبَينَ حَدَاثَةِ
صَلاَح عَبْدِ الصَّبُورِ وَأَمْثَالِهِ؛فَتِلْكَ حَدَاثَةُ الأُدَبَاءِ الحَقِيقِيينَ ؛وَمَا نَحْنُ فِيهِ فَهُوَ حَدَاثَةُ المَجَانِينَ؛
وَشَتَّانَ مَا بَينَ الحَدَاثَةِ النَّقْدِيَّةِ عِنْدَ شَيْخِ النُّقَّادِ مُحَمَّد مَنْدُور وَبَينَ حَدَاثَةِ نـُقَّادِ المَرْحَلَةِ الَّذِي
ضَاعُوا فَأَرَادُوا أَنْ يَضِيعَ الصَّوَابُ لِجَهْلِهِم بِهِ !!
<< الصفحة الرئيسية