الخريف ربيع.. د. محفوظ فرج المدلل
الخريف ربيع
بأول عام
يدبُّ حنينُ النباتِ عميقاً
لفصلِ الخريف
وتوغلُ في جذرهِ شهقةٌ للتَمَنّي
انتظاراً لعودتِهِ
حينَ يهمسُ في أذنِ الوردِ
جدِّد غصونَك وانزعْ ثيابَك باليةً
سوفَ تلبسُ ثوباً جديداً وزاهٍ
وقبلُ إذا شمَّ غصنٌ رياحَ خريفٍ
تراجفَ خوفاً وألقى بأوراقِهِ
في سواقيهِ مستسلماً
لأوامرِهِ الصارمة
بأولِ عامٍ وقدْ أيبسَ الصيفُ
كلَّ النباتاتِ حتى غدتْ
جثثاً هامدة
وَلمّا أتى ما يُسَمّى خريفٌ
كأنَّ الربيعَ أتاها
رؤوسُ البراعمِ قد نبعتْ
من جوانبِ أغصانِها
وسرى عنفوانٌ من الجذرِ
يدفعُ نحو حياةٍ جديدة
تفتحُ أوراقُ نارنجةٍ باخضرارٍ
وقد شابَها يبسٌ
واحتراقٌ بلاهبِ تموز
حدَّثتْ قربَها شجرَ البرتقال
ألمّا يصلْ طارقَ الجذرِ مرسالُه
أننا سوفُ نرجعُ مأوى العصافيرِ
في ظلِّ أوراقِنا
وتسمعُ جوريّةٌ جذرَها
يحتفي ويخبِّرُ
أغصانَها بنماءٍ ووردٍ له عبقٌ
يذهلُ النحلَ
وهو ينامُ بعمقِ خلاياهُ
يَهبُّ بلا وعيهِ كي يُقبِّلهُ
ويقولُ أباركُ لي ولكم
أيها الزهرُ والوردُ
أنْ عَطَفَ اللهُ من بعد أنْ
سبَّح النملُ والنحلُ
والطيرُ والغصنُ والجذرُ لله
صلّوا على المصطفى
د. محفوظ فرج المدلل
اللوحة التشكيلية للفنان الكبير الاستاذ ستار كاووش
التسميات: نثر فصحى
<< الصفحة الرئيسية