[ 11 ] ترسيم الحدود بقلم: يحيى محمد سمونة
ما زلت معكم في فصل: - ترسيم الحدود - من كتابي [ نظرية النطق ]
مرحبا بكم:
عرفنا من منشورات سابقة أن اللغة هي الأداة الأهم بين يدي الطليعة المثقفة التي ترسم للأفراد حدود سلوكهم و منطقهم ليكون صحيحا و سويا، و عرفنا أن تلك الطليعة [المثقفة] مالم تحسن توظيف اللغة على نحو صحيح و دقيق فسيؤدي ذلك إلى خيبتها و ضياع جهودها سدى و لن تفلح في إقامة مجتمع قوي، عزيز ، و منيع، و لن تفلح في تهيئة لبنات بها تؤسس لبناء عتيد، راسخ.
أيها الأحباب:
القوة هي العامل المشترك بين لغة الناس و منطقهم!! فاللغة تحتاج إلى قوة و حنكة كي يتمكن الأفراد من رصفها و إنشائها بما يضمن فهمها؛ و منطق الناس يحتاج إلى قوة كي يكون سديدا،محكما !! فإذا تخلفت عن الفرد من الناس قوة ضبطه و إحكامه لمنطقه رأيته يخلط فيه حتى ليبدو منطقه عصيا على الفهم !!
لغة القوم ـ أيها الأحباب ـ ليست مجرد كلمات و مفردات موصوفة و مرصوفة
بل، هي: أداة التعبير عن المراد؛ بحيث تأخذ هذه الأداة شكل كلمة، أو حركة و فعل و سلوك، أو حال و هيئة بها يتجلى المراد.
فكلمة: [قال] في لغة العرب ـ على سبيل المثال ـ هي من القول الذي يجهد المرء في رصف كلماته كي يخرجه واضحا و مفهوما و معبرا عن المراد؛ و ما عدا ذلك فالكلام الذي لا يجهد صاحبه في رصفه تجده يظهر على شكل هلوسة و هذيان و تخليط.
و أيضا فكلمة [قال] في لغة العرب تعني: حركة ذات دلالة، يقوم بها العاقل من الناس ، فمثلا: قال الرجل برأسه: إذا أومأ به، و قال بيده: إذا أشار بها، و قال بعينيه: إذا نظر نظرة ذات مغزى، و قال الرجل بجسمه: إذا استلقى، و هكذا
و إذن فالقول بشتى أشكاله لا بد له من قوة كي يصار إلى إظهاره و تحقيق المراد منه
و هكذا هو منطق البشر العقلاء لا بد له من قوة كي يصار إلى إظهاره على نحو محكم و به يتحقق لصاحبه مبتغاه مما نطق به أمره
أعذروني ـ أيها الأحباب ـ عن هذا الاستطراد الجاف الذي لا بد منه كي نصل إلى نتيجة مفادها: أن الطليعة المثقفة التي تسعى إلى بناء مجتمع حضاري فإن عليها أن تتمكن تماما من لغتها كي يكون منطقها و هي تخاطب الناس سديدا، قويا، و محكما
2 - المصداقية:
ذاك هو الشرط الثاني الذي لا بد منه أن يتحقق في الطليعة المثقفة كي يتقبلها الناس بقبول حسن و بالتالي فهي تستطيع أن تبني المجتمع الحضاري بقوة و اقتدار!!
و كتب: يحيى محمد
التسميات: مقالة
<< الصفحة الرئيسية