الجمعة، 25 أبريل 2025

أشواك.. الشاعر. الراوي الراوي

أشواك 

كأني أمشي حافيا في حقول شوك
لكنني الآن
أخلع خوفي
وأمشي كأن الشوك ورد يداوي خطاي

أقول
دعوني أجرّب أن أتلمّس الأرض
لا كما يشتهي الحذرون
بل كما يقبل العاشق على جرحه
ويقول هكذا أتنفّس

ما عدت أبحث عن ظل نخلة
ولا عن سقوف تعلّق فوقي أمانيها
يكفيني ظلي
وأنا أتسع له كأني السماء

تعلمت أن لا أنام على وعد ماء
وأن لا أراهن قلبي على ما يغادر
فها أنا أصادق صمتي
وأضحك من ساقي إذا خذلتني
فكم من سقوط علّمني أن أطير

كأني وُلدت من حطب الشوك
لكنني لا أصرخ
بل أغني كمن عاش عمرين
واختار أن يُكمل الثالث حبا

أنا الآن أفهم
أن الألم ليس خصمي
وأن الطريق التي جرحتني
كانت تربّت على كتفي
بطريقتها

فيا أيها الحزن
لا تتأخر كثيرا
تعال وشاركني الشاي
علّك تصير خفيفا
كذكرى نسيت أن تؤلم

لا أطلب أكثر من لحظة صدق
ولو جاءت من جدار
ولا أخجل من انحناء ظهري
فالشجر العظيم ينحني حين يثمر

صارت الهزائم وشما
لا أخفيه
بل أعلّقه على صدري
كوسامٍ من زمنٍ علّمني كيف أكون

وحين يسألني الطريق
من أي البلاد جئت
أشير إلى جرحي
وأقول: من هناك
من حيث يسكن الإنسان نفسه
رغم الخراب

أنا لست قويا
أنا فقط لا أقاوم التيه
أصادقه
وأدعوه للعشاء أحيانا
وأقول له:
خذ راحتك في روحي
لكن لا تعبث بالحب

وفي آخر الحقل
رأيت زهرة وحيدة
تنبت من صخرة
كأنها تقول لي
كل شيء يزهر
حتى في الأرض التي أنكرت المطر

مددتُ كفي إليها
فلم تجرحني
لم تعاتبني
بل نثرت عليّ عطرها
كأنها تعرف
أنني عبرت حقول الشوك
كي أصل إلى لحظة مثل هذه

ومن يومها
ما عدت ألعن الطريق
ولا أعدّ الشوك
بل أعدّ خطواتي إليه
كأنني أرجع إلى بيتي
حافيًا
وممتنًا

                                   الراوي الرواي

التسميات: