السبت، 31 أكتوبر 2015

قصة (كابوس مخيف)....بقلمى / الهام شرف

 
كنت أظن حينها أنها مستودع من الجان كما كان يظن البعض معى...فقد كان عرسها الغامض يوحى لمن يسمع أصوات الزغاريد والابواب موصدة كأن اباها الدجال سخر لها من خدام الجن ما يرسم لها عرسها...أحسست حينها برهبة فظيعة لا أعرف معناها الا بعد مرور الزمن الطويل على مجاورتى لها.
أول مرة يراها وجهى لا أنساها ....ليست متكلفة بلبسها ...العباءة البمبى الملونه وبنطال أحمر يظهر منها وايشاربها البسيط وهى تخرج بعد عرسها...الحزن فى وجهها وعيناها تنظر للأرض وبصوت خافت تلقى السلام....ويريد زوجى ويقول...هى العروسة....أتعجب منها تكاد تظهر فى سن مراهقتها قبل ذلك رأيت زوجها الذى يشبه العجوز فى شكله لا يليق بها فتساءلت أو بدون أن أسال تقريبا...تسرد لى قصتها ....ابوها من زوجها برجل عجوز ومريض بعد أن أخذ منه كل ما لديه من مال يقصد بهذه الزيجة أن يغطى على فعلته وما هى الا عبدا للمأمور...ويلى حين رأيتها شىء يهمس بى هى قدرك المنتظر فاحذرى منها....فهويمدحها بقوة ويشفق عليها من هذذه الزيجة بالرغم من عمره يقارب زوجها ولكن فارق كبير فمن يراه يجده فى عنفوان شبابه فى قوته وصحته.
الوهم يأتينى بطريق آخر عى شكل كابوس كاد يتكرر كل يوم بنفس الشكل حتى كاد قلبى يدق ويخاف ويرهب من المنتظر...بالرغم أنى كنت أتجاهل ألامر ولكن التكرار يؤلمنى....عاما بأكمله أرى هذا الكابوس ...بيتها الذى يجاورنى أدخله ليلا لظروف تنتابها وما ان دخلت حتى أجد حجرات متداخله واحدة تلو الأخرى أرى بيتها لا نهاية له ادرك حينها الخطر ولا اتعداه الا بتلاوة القرآن حتى أستيقظ من نومى وأنا أتلوه ودقات قلبى مرتفعة.....ويلى من هذا الكابوس ليس بمخيف ولكن تكراره يخيفنى حتى دعوت الله أن يبعده عنى وأن يكفينى شر ما به بالفعل ما عدت أرى ولا أتذكر شيئا الا أنه وهم يأتينى 
من شيطان يدعونى الى قطع الصلة...قاومته برمى السلام عليها دائما لتبتسم وتفرح بقلبها وهى ترد السلام بكل حرارة...ولكن شىء من الخوف يأتينى...دام هذا الحال ما يقرب من عشرة أعوام لا يوجد بيننا الا السلام والتهنئة فى الاعياد فى ثوانى معدوده....وأنا مرتاحة البال وقلبى مطمئن الى أن حان وقت القلق والرهبة الفظيعة لتقلقل الماضى داخلى....زوجها الذى أكل منه الزمن وشرب قارب على الموت باقى من الزمن شهور...ويلى هى فى ريعان شباها فى السابع والعشرين من عمرها ...سيترك لها بنتين وولده الأكبر...العجب كل العجب أنها ما علمت بخبر قرب منيته الا وتبدلت بها الحياه...لبسها البسيط انقلب الى عباءة سواريه والطرحة اللامعة التى تهنئها بفك اسرها...وكأنها تقول للعالم من حولها...قد حان وقت الانتصار...العيون اليها تنظر تتعجب وعيون أخرى تنتظر طمعا....لا أعلم لماذا الخوف ولا أعلم لماذا تكرر فى نفسى كرهها ولماذا تذكرت هذا الكابوس الذى لا يخيفنى حينها...أخافنى فى هذا الوقت وكأن الحال تبدل...أنا من يعبس وجهها أنا من يهمل نفسه خوفا من الغد الذى أتمنى أن لا يأتى...عيبى الوحيد أن أرى المستقبل دائما...بل هذا مصدر تعاستى.
جاء اليوم الموعد...حان وقت رحيل زوجها...دخلت اليها كالباقى من الناس ...اليوم أنظر فى وجهها لأرى مالم يره الناس...أقسم بالله أنها تضع الماكياج وترتسم البسمة فى وجهها وهى تولول رحيله لتشد انتباه الناس اليها...خرجت من بيتها لألعنها داعية ربى أن يكفينى شرها.
حاوت أن أتناساها أبعد عنها كل البعد.....ولكنى لن انسى هذا اليوم الذى أقف فيه فوق سطح منزلى دون ترتيب لأراها وهى واقفة على ناصية الشارع وكأنها تقف فى عرض أزياء..فأطلب الستر من ربى...كل ذلك ولا أعلم لماذا...كل ما هنالك قلبى ينقبض.
تحقققت نبوءتى حينما أتى أحد شباب الحارة ليعلن أنها على علاقة باحد الشباب الذى يتسلل أليها ليلا...هذا الشاب متزوج وله بنت...اعلانه ليس اعتراضا منه بل حقدا على أن تركته من قبل بسبب هذا الشاب...يريد منها الانتقام بفضيحة أمرها...فيذهب الى كبير الحارة ليريه بعضا من رسائلها على التليفون....ويسرد له قصته مع هذا الشاب.....ليتصرف هو معها.
لم يكن يعلم حينها أنه يفتح لها بابا أعظم...فقد اتى بها من نسميه كبيرا ليسرد عليها ما قيل عنها...وبحنكة منها تبكى تنكر تتوعد...وتذهب الى بيتها لتبحث عن طريقة للانتقام ممن نالوا منها ...فقد كفاها الزمن من الحرمان ماكفى..."الان يعترضون طريقها".
تمر أيام وأيام ولا تخرج من بيتها...الكبير مشغول بها...وكثرت التساؤلات بداخلى....اتهامها باطل...الخطأ بحقها.براءتها...طمع الشباب فيها...لم يكن يعلم حينها وهو يجلس فى دكانته المتواضعة أنها تتحسسسه وتتجسسه من وراء شباكها...تدبر كيف تصل اليه...كيف يكون لها بديلا عمن ذهب بسببه وسبه لها.
لم يكن يعلم أنه سيقع بشباكها وأنها من تحفر له قبرا بيدها.....حذرته كثيرا حين علمت بالأمر...ولكنها الازكى...فقد نالت كثيرا من تجارب الزمن عنا.
الآن تخرج من بيتها...ازينت وكأنها نسيت من مات من بضعة شهور...الان تقاطع أهل الحارة صغيرهم وكبيرهم ثأرا لما قيل عنها...الان تنظر للكبير بعينيها التى لا يوجد فيها سحر ولكنها تعودت فيهما رسم الاحزان وكأنها تلومه عما بدر منه.
تملكه الحيرة...الغير...الرغبة فى التكفير عن الذنب...كما تملكه ايضا الاحتفاظ برجولته أمامها...أخذ فيها أنها تهينه بالمقاطعة والخصام واللوم بعينها...نسى حينهاأن النظرة الأولى لك والثانية عليك...هى تلوم وهو يزجر...وفجأة دخل بينهما شيطان النظرة يعلن انتصاره الرهيب.
فجأة يرمى كل من حوله....الناس ....الهيبه...الحاضر....الماضى...المستقبل....وأخيرا الزوجة والأولاد...العجب أنه لا يعلم أن هذا حتما مهرها...العجب أنه لا يصدق رغبتها فى الانتقام والنيل منه...الناس يلاحظون ويذكرونه بأنه الفريسة الجديد المقصودة...كل هذا هباء...ويصفقون يدا على يد...وهى تستمتع بما يحدث.وبكل الطرق تشده اليها...حتى اذا ما اقترب تمتنع بكل قواها.
الآن الفريسة سهله...تعال معى وانس الخلق من أجلى...فأنا أتباهى بك ومرفوعة الرأس مما تفعله من أجلى...الان أعلنها ....أنت لى.
الآن هو بين قدميها ...لا يستمع ولا يرى من حوله...نسى مهمته( الكبير) فقد الناس فيه الثقة.
مع أن الاحداث لم تكتشف لى فى هذا الوقت الا أنى أعلم أنها كانت النهاية بالنسبة له والبداية بالنسبة لها.
ضاع كل من حوله هباء بنزوته الفارغة...التى لا مفر منها للأبد....وبالرغم من اعتقادها أنها بدايتها ألا أن فضيحتها أطفأت شمعة انتصارها الزائف....فلينتقم ربى...انتقاما ليس له مثيل
يتجمع أهل الحارة ،صبيان...شباب....رجال ونساء..يدركون حقيقة ما يحدث...ما كان وما سيكون.بالرغم من أنهم لا يستطيعون الجهر بالامر..فان أعينهم تتكلم حسرة على ما حدث فى كبيرهم...فقد كان فيهم نقطة الامل التى تهتز لها الأركان...كان يملك فيهم من الهيبة والخشية...وانصياع أوامره مالم يملكه أحدا من قبله.
الآن وبالذات لا يملكه من بعده أحدا.
الحال يتبدل به ، فى دكانته المتواضعة...من سماع آيات القرءان الى سماع الأغانى الرومانسية...حيث وجد الفرصة من كان يقع عليهم وابل الأذى منهم...وجدوا فرصة التقرب اليه ليس الا سخرية من أحواله والتشفى فيه ...دون أن يدرى أو يعلم...
اقتربوا منه بعبارات التشجيع
و الاستماع لهذه الاغانى
فما كان منه الا استبدال السماعة العادية بمكبرات الصوت ليعلن للجميع أنه الا ما عاد الى سن مراهقة متأخرة.
فى حياته نقطة بيضاء للأسف يريد أن يتبرأ منها ويمحوها للأبدمن أذهان من شهدها وعرفها وسمع عنها...دائما يقول لها ( أريد أن أمحو من أذهان البشر أنك من صنعتينى)...ويلى ألان تتضح النية والبينه...هى فى الداخل ترى تسمع تبكى تتباكى تتألم تتحسر على ما فات من عمرها...تدفع الثمن غاليا...تحملته وتحملت معه مالم تشتهيه النفس من عذاب...كانت راضية مطمئنة صابرة على البلاء...تقف معه فى السراء والضراء...بالرغم من أيامها كلها عذاب الا أنه كان حلو المذاق كلما خطت به خطوة للأمام.
لم تكن تعلم أنه سيغدر بها سيبيعها فيما يسمى سوق الشماته وينكر تعبها.بالرغم من ذلك كانت تدعوه كثيرا وتدعو له ترجوه أن يبتعد عن طريق الضلال ....عن أن يغلق أبواب جهنم الذى فتحها على نفسه بيديه...فما كان منه الا الضرب والسب والأهانه ليعلن لها أنه بهذه الحال مسرور جدا وما عليها حينئذ الا الاستسلام....
ثارت الدموع فى عيناى حينما علمت بقرب أجل من كرست حياتها فى سبيل ارضاء زوجها التى تناسى لها جميل معروفها وأراد أن يمحيها من حياته ليبدأ من جديد باستقلاليه...ولكنى أتساءل أين كانت هذه الاستقلاليه...لم تظهر الا بعد فوات الأوان...ولكن يدور بخلدها تساؤلا غريبا دائما...(أكانت مخطئة فى تفانيها كامرأة أولا وزوجة ثانية؟)فهى أم أولادها وأولاده...من أجلهم تحملت وأعطت مثل أى أم...بدافع الحب...وبدافع تربيتها السليمة التى تحتم عليها أن تتفانى باخلاص لبيتها وزوجها وأولادها....والآن رهينة غدر الزمن...ماذا تفعل؟ لا أحد حولها ولا يساندها فى محنتها الا صبرها على بلائها ودعوتها لربها التى تتمنى أن لا ترد...ف(الكبير) فى سكرة لا يتقن ما يفعله وليس لديه أدنى استعداد أن يتزحزح عن فعلته...اليوم يصارح الجميع أنه ينوى الزواج من ماجنة الحارة التى نصبت شباكها حوله لتوقعه فريسة تتباهى بها أمام الجميع وتمسح ماضيها القذر على يديه.......(يتبع)
 

التسميات: