قصَّةٌ قصيرة *** المواطن ( س ) ** 11_12_2015 #حسن_علي_محمود_الكوفحي ... الأردن ..
المواطنُ ....
محمولٌ على الأكتافِ .. بغتةً أفاقَ من موتهِ ..
أحسَّ باهتزازاتٍ غريبة ولذيذةٍ تُدغدغُ جسمهُ الذي أنهكهُ الموت ..
تناهتْ إلى مسامعهِ أصواتٌ متفاوتةُ الإيقاعِ ...
خليطٌ من بكاءٍ.. وتهليلٍ .. وصراخٍ .. ونِكاتٍ .....
سرى الفضولُ في جسمهِ الهشِّ .. فأيقظَ الرّغبةَ ... كتلك التي عندَ الأحياءِ ...
بعدَ فكِّ الأربطةِ .. شعورٌ خاطفٌ أضحكهُ ... مربوطٌ حي.. ومربوطٌ ميّت .. ثُمَّ استطاعَ جزءٌ من عينهِ أنْ يتسلَّلَ خارج الصّندوقِ ليتفحّصَ الوضعَ المريبَ ....
أعدادٌ غفيرةٌ تلاحقُ الصُّندوقَ .. والصُّندوقُ يهربُ مع حامليه إلى الأمام ...
أفكارٌ لا حصرَ لها نغلتْ في رأسهِ ... شيءُ عظيمٌ أنْ تُحْملَ على الأكتافِ .. ولكن لمَ العجلةُ ! .. نعم .. والأعظمُ أنْ يكونَ لك كلُّ هؤلاء الأتباعِ .. ويجعلونكَ في المقدِّمةِ .. أضمرَ ضحكةً تقول .. كلُّ الغُوايةِ .. والإغواءِ .. والإغراءِ في المقدِّمةِ .. والموت في المقدِّمةِ دائماً ...
شريطُ أيّامِ شبابهِ فجأةً اشتغلَ ولمْ يعطبْ بسببِ البياتِ ليلةً كاملةً في درجةِ حرارةٍ تحتَ الصفر في ثلاجةِ الموتى ...
بداَ يتأملُ ذاكَ الشّاب وهو في عنفوان شبابهِ يقودُ المسيراتِ ... قطعتِ الأصواتُ شريطَ الذّكرياتِ فتبعثرَ حين سمعهم يقولونَ ..
ها قدْ وصلنا ....
استيقظَ من صحوتهِ ليرجعَ سريعاً إلى غفوتهِ ...
وهوَ يعيدُ الأربطةَ إلى وضعها السّابقِ على جسمهِ .. هجسَ في نفسهِ .. مِمَّ الخوفُ .. وما الذي تخشاهُ ! .. ردَّ على نفسهِ أشتمُّ رائحةَ مؤامرةٍ قذرةٍ عليَّ ...
الذي عمّقَ هذه الفكرةَ عندهُ عميقاً تاريخٌ طويلٌ من عسفِ العسسِ .. فالعسسُ لا يعرفونَ شيئاً عن التّوبةِ .. أو تصحيحِ مسارٍ .. أو .. أو .. أنتَ لا تحتاجُ إلى ذنبٍ حتى تكونَ عندهم مذنباً ...
بدَأَ الخوفُ يسيطرُ عليهِ .. وبدأتِ الأفكارُ السَّوداءُ تتلاطمُ في رأسهِ .. فهو يخشى أنْ يكتشفوا أنّهُ حيُّ ولمْ يمُتْ ...
كان يقولُ في نفسهِ .. معَ أوّلِ ( اكريك ) من التُّرابِ فوقَ رأسي سوفَ أشعرُ بالرّحيلِ .. بل قال .. لنْ تشعرَ بالأمنِ إلى أنْ يتمَّ طمرَ الحفرةِ عن آخرها وأنّهم غادروا المكانَ جميعاً ...
بدأتْ بشائرُ الأملِ تنهالُ عليهِ ... آجر .. آجرْ .. يعطيك العافية ..أدعوا لهُ ...
سمعَ صوتاً يعرفهُ جيداً فوقَ رأسهِ .. إنّهُ رفيقَ طفولتهِ وشبابهِ وإلى آخرِ لحظةٍ من حياتهِ ...
ألقى موعظةً قطّعتِ القلوبَ .. وتجاوز فيها الخطوطَ الحمرِ .. ودعا مخلصاً لرفيقهِ الذي سبقهُ .. وأخذَ ينتحب ...
للأسف لمْ يبقَ في الصندوقِ إلا قطرةً من هواءٍ .. استنشقها .. ودعا لرفيقهِ بالسّلامةِ وقال ...
وإلى لقاءٍ تحت ظلِّ عدالةٍ قدسيّةِ الأحكام والميزانِ .
التسميات: قصة قصيرة
<< الصفحة الرئيسية