الجمعة، 2 سبتمبر 2022

يوميات من قريتنا..السعيد عبدالعاطي مبارك .

يوميات من قريتنا الحبيبة " أبو سكين "
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر 
============
((( مع موسم حصاد الأرز أيام زمان ٠٠!! )))
عزيزي القاريء الكريم الحديث عن القرية ذو شجون و لَمَ لا فهى الأصل الطيب الكريم و العادات و التقاليد العريقة هكذا ٠٠
و من ثم نطالع تلك الصفحات المشرقة التي تؤرخ للواقع بين الماضي و الحاضر ٠٠
فمازال حديثنا موصولا عن ذكريات قريتنا أبو سكين بين الأصالة و المعاصرة - رحم الله أيام زمان - و ها نحن نعيش لحظات مواسم الخير مع محصول حصاد محصول الأرز حيث موجة التوسع الأفقي و الرأسي و البذور و التقاوي و الأسمدة و الأدوية و المكينة الزراعية الحديثة و مضارب الأرز هلم جرا ٠٠
كانت الأرض مزروعة أرز نوع جيد يباني يمكث في الأرض أكثر من ٦ شهور و المياه غير ملوثة و كانت الخدمات بدائية و برغم ذلك البركة كبيرة جدا تكفي جميع الأعراض ٠٠
المحراث بلدي عن طريق المواشي و الري سواقي 
و تلويط الأرض و التقشقيش و التجسير أيضا ثم تنقية البذور الحبوب ووضعها في أجولة في الماء الجاري كي تنبت تُحلب ثم يتم بدرها ٠٠ و بعد فترة الإعداد ٠٠
تنشف بضعة أيام كي تثبت الجذور في التربة ٠٠
و تقوم الأطفال و من معهم بالتطير عليها على الجسور عند كل مرجع عن طريق علب الصفيح مثل التسحير في رمضان لكنه في النهار ووضع خيال الحقل خدعة كي لا تأكله الطيور و العصافير و الحمام ٠٠
و بعد ذلك ينمو الأرز و تنقية العفش و الحشائش و نثر الكيماوي البسيط و دواء لقتل الدودة لكن ليس بهذه الصورة في هذه الأيام ٠
و يضع الفلاح في المصارف و القنوات جوابي سلك يصطاد بها الأسماك طول الفترة دون تكلفة ٠٠
كما تأخذ المراعي علف أخضر للحيوانات المربية
و بعد التنقية يوشك الأرز يُزور و يُبخ سبلة الأرز نضجا و يتم سد مصادر المياه عنه عن طريق الحواويل الطينية ٠
و يقوم بعض أهالينا بحش عقد أرز ووضع بعضها للطيور ٠٠
و يتم تفريط السنابل عن طريق ضربها على قطعة خشب سميكة ٠٠
ثم تحميص و تشميش الأرز ثم وضعها في أصالي حجرية و دقها بمدقة خشب طويلة لفصل قشر الأرز عن حبة الأرز ٠٠
و تجميعها وطبخها و إعطاء الجيران منها قُبيل نضوج باقي محصول الأرز الذي ربما يتأخر إلى فصل الشتاء و يلحق المطر في جرن الحصاد و التخزين ٠ 
و يهبط قريتنا فريق مساعد من بعض قرى المحافظات المتاخمة لنا المنوفية و الغربية و الدقهلية الذين يزرعون محاصيل جافة في بلادهم كي يجلبون الأرز من قريتنا عوضا عن طريق العمل و هم من أصحاب الجمال و الضمامة و المدروية ٠٠٠ الخ ٠
تبدأ الخطة على النحو التالي :
بضم الأرض ليلا و بعد الفجر حتى وقت الضحى أو بعض العصر قبيل غروب الشمس في أوقات الطراوة كي لا يفرط الأرز و عدم إرهاق العمال ٠٠
يضعون البرنيطة القماش الطويلة و الخوص و يتحزمون بحزام قش من نفس الأرض و يغنون بعض الأهازيج ٠٠
و يربطون حزم الأرز قتاتي ثم تترك ٣ أيام 
و يتم تجميعها كي تحملها الجمال إلى جرن الدراس ٠٠
و عمل رامية أو قرص ٠٠
الرامية دائرة من عقادي القش نصفها مفرغ تدرس بالنورج عن طريق المواشي التي تجره دوران ٠
و القرص أكبر من الرامية وكله مسدود ليس مفرغا من المنتصف يدرس بجرار روسى زراعي ٠٠  
بعد ذلك يتم تقليبه و النفنفة لفصل الحبات العالقة كي يبقى الأرز في منتصف الجرن و تكويم القش بعيدا ٠٠
و يستخدم في توليع الفرن البلدي و فرشه على السطح و المواشي و يأخذ منه المحتاج إليه و لا يباع مطلقا مثل اليوم ٠
و يتم تجميع محصول الأرز كومة- صليبة - واحدة و يدريها رجل يسمى المدراوي عن طريقة آلة خشبية عبارة عن كف خشب أصابع يُطير ما تبقى من قش مقطع و يجمع حبات الأرز التي تشبه اللؤلؤ و الذهب الأصفر ٠٠
و ربما على ضوء القمر أو إشعال لمبة عفاري - سهارية - ثم بعد ذلك تم استخدام ماكينة خشبية يدوية بغرابيل تصفي الأرز و تفضله عن الأتربة و البطروخة الحبات الفارغة و بعض حبوب النبات المتسلق الغربية ٠٠
و تم تطويرها بعمل ماتور يساعد العملية في التنقية بدل التدوير باليد إسعافا للجهد و الوقت إنجازا ٠٠
و يجمع محصول الأرز في كومة واحدة صليبة على شكل هرم ٠٠
و يقوم رئيس فريق التدرية بتزين الكومة برسومات منها فيها عن طريق الكريك اليدوي ٠٠
ووضع في قمتها مشربية قلة ماء فخار و شقة عيش خبز بلدي عليها كمية من ملح الطعام الأبيض ٠
و يتم تقسيم الأنصبة :
بين المالك و المزارع بملء قفة من سعف النخيل و كل عدد يضعون عند نصيب صاحبه كوبشة أرز ترمز لعدد الكمية بالتساوي ٠٠
بعد إخراج عرق و أجر و مناب كل صاحبه ٠
من زكاة فورا يوم حصاده ٠٠
و كانوا يشترون بعض الاحتياجات شكك ثمنها بالأجل على المحصول عند جني الخير ٠٠
و يعطون صاحب القلل و البلاليص و الأزيار و البرام و الطواجن الفخارية ٠٠
 و تاجر الأقفاص الجريد و المقاطف و العسل الأسود و البلح و الجوافة و حصير البيت و حصير الجبنة القريش البلدي و صاحب الملح و الحداد الذي يرجم الشراشر المناجل و الفأس و الكريك و السكين و غيره ٠
و مسانية الحلاق و مصلح السواقي و ماكينة الري و شيخ المسجد و المؤذن و بحار الترع و الشحاذين و تأكل العصافير منه ٠٠٠
و برغم قلة المحصول البركة بلا حدود مضاعفة ٠٠
و الجميل في هذا كله بعد هذا المشوار الشاق يعطون جيران الأرض و الدار و بعض الأصحاب كم كيلة سلف حتى يردها بعد ذلك عندما يحصد أو في موسم قادم إذا لم يزرع ٠٠
و كان الأرز بالضريبة و الكيلة و الربعة ٠٠
و يجمع الضمامة و الجمالة أرزهم و يعودون إلى بلادهم فريحين ٠٠
و يخزنون ما تبقى في مخازن من طين صُمع مثل أبراج الحمام صغيرة تحفظه من التلف طول العام و يخرجوه كل فترة للتبيض في القادوس ٠٠
هذا ما ظل عالقا في ذاكرتي حتى اللحظة و اليوم ٠
أما اليوم انقرضت مهنة الضمام و الجمال و المدراوي و المحراث البلدي و النورج وحل محل كل هذا الجرار و الكومباين و الأجولة من الخيش البلاستكي ٠٠
وربما تم الضم و الحصاد ليلا بخلا و خوفا من الحسد و لا نرى هذا المسلسل سالف الذكر تماماً ٠
برغم ارتفاع الثمن و تقليل الأساليب المساعدة غابت البركة وسط غلاء الجاز و الكيماويات و الأسمدة و الأدوية ٠٠٠ الخ 
أضف إلى قلة ( البركة )٠
و غياب بعض الحقوق المطلوبة و الميراث أيضا ٠
و للأسف لم يعد يزور قريتنا أرباب المهن اليدوية حيث ثمة علاقات وشائج متصلة سنوية بيننا في شتى المناسبات ٠٠
و أخيرا هذه صفحات من ذكريات و يوميات قريتنا الحبيبة أبو سكين لعلها تنال إعجاب الشباب و النشء الذين لم يعيشوا هذه الأحداث كي تعم الفائدة من وراء هذا القصد ٠٠
مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله ٠

التسميات: