الإثم.. للشاعر. د. أسامة مصاروة
الإثْم
ليْسَ إِثْمًا أَنْ تعيشوا بِسَلامِ
إنَّما الإِثْمُ بِتَهْجيرِ أَنامِ
أوْ بِتَدْميرٍ وَهَدْمٍ لِقُراهُمْ
وَعلى الأَغْلَبِ بالْمَوْتِ الزُّؤامِ
كمْ أَتَتْكُمْ فُرَصٌ أَهْدرْتُموها
مثْلُ أحياءٍ سُدىً دَمَّرْتُموها
فُرَصٌ كانتْ سبيلًا للسَّلامِ
إنَما مثْلُ الْقُرى فَجَّرْتُموها
عجَبًا مُنْذُ عُقود في حُروبِ
كُلُّ يوْمٍ مِنْ شُروقٍ لِمغيبِ
ليْتَ شِعْري لِمَ تَخْشَوْنَ السَّلاما
معْ شُعوبٍ مِنْ شمالٍ لِجَنوبٍ
هلْ على السَّيْفِ فقطْ نحيا جميعا
كيْفَ نحْيا إنْ نمُتْ كهْلا أوْ رضيعا
أيُّ عيْشٍ للْوَرى في ظِلِّ حَرْبٍ
هلْ غَدَوْنا مِثْلَ أغْنامٍ قَطيعا
إنّكُمْ يا ناسُ حقًا كالْعَبيدِ
لِزَعيمٍ فاسِدٍ حتى مَريدِ
هَمُّهُ الْأَوْحَدُ أنْ يبقى زعيمًا
لا يُقاضى مِثْلَما النَّجْمِ الْبَعيدِ
إنَّني أعْلَمُ عِلْمًا ليْسَ ظَنِّي
أنْتُمُ الْأَكْثَرُ فهْمًا بلْ وَمِنّي
إِنّما صَمْتُكُمُ الْحالي غريبٌ
صَدِّقوني إنَّهُ بالْحُكْمِ مَعْني
ليْسَ معْنِيًا بِكُمْ مهما يَقولُ
خوْفُهُ الأَكبَرُ حُكْمٌ قدْ يَزولُ
وَلِذا أصْبَحَ ذِئْبًا لا يُبالي
بِدَمٍ قدْ سالَ أوْ سوْفَ يَسيلُ
أيُّ إنسانٍ يرى في الْحَرْبِ رَمْزا
وَعلى طولِ الْمدى يَصْنَعُ عِزّا
أيُّ فِكرٍ أيُّ وعْيٍ أيُّ دينٍ ٍ
لا يرى في السِّلْمِ إنْجازًا وَكَنْزا
فَأنا مِنْ بيْنِكُمْ لي أَصْدِقاءُ
أُخْوةٌ في السِّلْمِ حقًا رُفَقاءُ
وَيْحَ قلبي أَيْنَكُمْ هلْ أخْرَسوكمْ
هلْ لِقَوْمٍ دونما سِلمٍ بَقاءُ
إنَّني بالْحُبِّ والْوُدِّ أعيشُ
وَفُؤادي بِهوى الناسِ يَجيشُ
يا شُعوبَ الأَرْضِ هَيّا للسَّلامِ
كيْ تَبيدَ الْحَرْبُ فِعْلًا والْجُيوشُ
يا شُعوبَ الأَرْضِ يا فَخْرَ الْغَباءِ
يا بُناةَ الْحِقْدِ يا ذُخْرَ الْوَباءِ
إنَّ ما تبْنونَهُ في ألْفِ عامٍ
في ثوانٍ يَنْتهي مِثْلَ الْهَباءِ
أغْبِياءُ كُلُّنا نسْقُطُ قتْلى
في حُروبٍ نارَها الأجْيالُ تصْلى
هلْ تَظُنّونَ بِأنَّ الحربَ حلًا
وَهَلِ الأَمُنْ بِنارٍ يتَجلّى
كيْفَ يحيا الْمرءُ وْمًا في صِراعِ
في قِتالٍ مُسْتَمرٍ وَنِزاعِ
مثْلُهُ الْقوْمُ الَّذي اخْتارَ مَريضًا
ومَزيجًا مِنْ ذِئابٍ وَضِباعِ
إنَّ شعْبي واقِعٌ ليْسَ بِوَهْمِ
إنْ أردْتُمْ أوْ رفَضْتُمْ هوَ قوْمي
ليْسَ يعْني أنَّي أكْرَهُ غيْري
كلُّ إنسانٍ أخي والأُمُّ أُمّي
هلْ نسيتُمْ ذلِكَ الْحلَّ النِّهائي
هلْ أتى الدوْرُ على سفْكِ دِمائي
كمْ غريبٌ أنَّ مِنْ بيْنِ ضَحايا
ذلِكَ الْحلِّ مَن يَرْجو فنائي
ليْسَ سِرًا ليْسَ طَعْنًا ما أقولُ
إنَّ هذا الْقَوْلَ في السّاحِ يَجولُ
وَعلى أَلْسِنَةٍ تنْفُثُ السُّمّا
فَبِهذا الْقولِ يَخْتالُ الْجَهولُ
د. أسامه مصاروه
التسميات: شعر فصحي
<< الصفحة الرئيسية