السبت، 3 أكتوبر 2015

شخا بيط على جدران الحلم // بقلم محمود درويش




شخا بيط على جدران الحلم
*********
قررت ألا أضحى بجسدي اليوم فأنا متهالك وظمآن
قررت ألا أثور بعد اليوم فالثورة تأتى بما لا يشتهى الربان
قررت ألا أغمض عينيي أثناء نومي حتى أرى ما تأتى به الأيام
قررت ألا أمتطى جواد الوهم... وبين خيالات الأحلام أسبح
فهنا في مدينتنا تساق الأحلام... كالقرابين وتحت الأقدام تذبح
تنتزع البراعم من أغصانها فتلقى في غياهب الصمت قبل أن تتفتح
مدينة الجهل والضباب لا تسمع فيها إلا نعيق البوم وكلاب تنبح
تهدم معابدها. تحتل كنائسها ومساجدها من كل مدعى فكر متبجح
في مدينتنا يزرعون الليل محفوف بأشواك حاجبة ضوء النهار
باسقة لليأس أفرع وظلال مكبلة أفواه من تجرأ وثار
كاشفة أنياب غل تنهش العقول في تكبر وأقتدار
قابضين على شمس الحقيقة في دفاترهم إذلال وإنكسار
أنسحابي يا مدينة لم يكن هزيمة ولا ندم على عمر ولى
انسحابي صرخة مكتومه بركان غضب يتحدى أي شتات
يا مدينة فيها الأنين يصارع الضحكة والحنين بسلاسل شوك سجناه
والسكة رسموها بالطبشور يهب عليها رياح الشتاء وأمطاره محياه
تاهت معالم كل الشوارع والبيوت مزقوا الأوراق كسروا الفرشة والألوان
ولم يتبقى إلا سن قلم غارز في قلبي يصرخ يعلن رفضة لزيف الحكايات
وفرشاتي متلونة بدم سال يرسم خطوط تحكى عمر ولى وفات
وعلى جدران الحلم بنزع خيوط الأمل من شريان جف ومات
.................. محمود درويش...............