الثلاثاء، 21 مايو 2024

كلتاهما قصت ضفيرتها.. الشاعر أحمد علي سليمان

قصيدة
                            (كلتاهما قصت ضفيرتها!)

                    شعر / أحمد علي سليمان عبد الرحيم

             ديوان: (السليمانيات) & جزء: (سويعاتُ الغروب!)

موقع: (الديوان) & موقع: (عالم الأدب) & موقع: (الشعر والشعراء) & موقع: (أدب – الموسوعة العالمية) & موقع: (كتوباتي) & مكتبة: (نور) & موقع: (التبراة)
  
      (خطب القائد المنصور ابن أبي عامر – رحمه الله – وهو قائد عربى أندلسي مسلم – قاد خمسين غزوة وحارب النصارى ، وأدخل عدداً من الديار في الإسلام ، وأوصى عند وفاته أن تدفن معه ثيابُ غزواته! هذا القائد المظفر خطب في الناس يحثهم على الجهاد والغزو من أجل نصرة الإسلام وانتشاره. فلم تملك إحدى النساء المؤمنات الحاضرات في المسجد إلا أن قطعت ضفيرتها - أي جديلة شعرها - ، وألقتها بين يدي ابن أبي عامر قائلة: إننى لا أستطيع أن أجاهد ، ولا أملك ما أتصدق به للجهاد سوى ضفيرتي ، فخذها يا ابن أبي عامر واجعلها رباطاً لأحد خيول النصر. "وتلك قصة مشهورة في كتب التاريخ ، ويستشهد بها الكثيرون". وعلى النقيض من ذلك: امرأة تؤمن بالموضة أكثر مما تؤمن بالله اليوم ، عصرية متمدينة حضارية ، تقوم بقصّ ضفيرتها لأن الموضة تأمرها بذلك. حتى صارت تشبه الرجال بعد قص شعرها. فيا لله بين هذه وتلك! كم بينهما من الفرق الهائل! كلتاهما قصت ضفيرتها ، فأما الأولى المؤمنة فلتجعل من ضفيرتها رباطاً لخيول المجاهدين. وأما الثانية الجاهلية فقصّت ضفيرتها استجابة لأوامر أرباب الموضات والأزياء. ورضيَ الله – عز وجل – عن أمّنا أم المؤمنين الصديقة عائشة بنت الصديق أبي بكر ، التي كانت تشيد وتمتدح وتقسم بالذي زان الرجال باللحى وزان النساء بالذوائب والعفاف! فتبارك الله أحسن الخالقين. والعجيب أن موضات الشعر اليوم بلغت حداً غريباً ومؤشراً خطيراً ، حيث أصبحتْ آخر التقليعات أن تحلق المرأة شعرها وتصبح صلعاء! فيا لله ، أي زينة في ذلك وأي جمال؟! وأين الوازع الديني؟ وأين القياس العقلي السليم؟ وأين الأعراف والعادات والتقاليد؟ وأين الأهل والأزواج؟ نسأل الله العافية والسلامة من موت الضمائر والقلوب. أنشدتُ في ذلك مندداً أقول:-)

لا يستوي الماءُ في الميزان والزبدُ!
مادام - في القلب - نورُ الله والرشَدُ
فالماءُ يمكث كي تبقى الحياة به
إذ ليس يحيا هنا بدونه أحد
يسري فتغتبط الحياة ضاحكة
تسعى ، ويُتحفها النعيمُ والرغد
ومنه تشربُ أنسامٌ وماشية
والنبتُ للسيل - في البيداء - مُرتصد
هذا هو الماءُ خيرٌ إن أصاب قرىً
وليس يَبقى حَبابُ الماء والزبد
أقام رب الورى الدنيا على سَنن
ويعلمُ الله مَن خابوا ومَن سعدوا
فمِن خلائقه عبدٌ لشهوته
جان على نفسه ، مثل الألى فسدوا
ومنهمُ العبدُ تستهويه معصية
فلا يقارفها ، فذاك مقتصد
ومنهم العبدُ - بالخيرات - مستبقٌ
فذلك العبد - في الطاعات - يجتهد
وتستهين - ببأس الخالق - امرأةٌ
وفي المعاصي وفي السوآى لها جلَد
وترتجي عفو رب العزة امرأة
ففي الفؤاد جوىً - مِن خلفه - كَمَد
فهذه فذة قصّتْ ضفيرتها
حبلاً - بأعناق خيل الحرب - ينقعد
ترجو الجهاد ، وللرجال قدرتهم
وهذه قدرة الرجال تفتقد!
وليس تملك من مال يُبلغها
تقول: ضاقت عن الإنفاق فيه يد
ماذا عليها؟ وماذا قد يُناط بها؟
لقد عفا عنكِ يا أخيّة (الصمد)!
لكنْ تجود بشَعر كان زينتها
فهل - على خاطر - ما قد أتت يَرِد؟
هذه الجديلة - في الميزان - راجحة
والوزن - عند مليك الناس - يطرد
تقبل الله منكِ الشعر جُدتِ به
وأنتِ خيرٌ صُوىً مِن الألى قعدوا
ولننظر الآن - للشقية - اختبلتْ
قصّت ضفيرتها تُرضي الألى جحدوا
واستسلمتْ - لهوى المُوضات - طيعة
وقصّرتْ شعرها ، كأنها الولد
ما ردّها خلقٌ عن غيّ ساقطةٍ
أمَا لها قيمٌ تحمي ولا خلد؟
وأين أهلٌ وأصحابٌ ومجتمعٌ؟
ساءت ممارسة! وساء معتقد!
كلتاهما جدعت - عمداً - ضفيرتها
وفعلُ كلٍّ له نصٌ ومستند
فللشقية موضات وآلهة
تهدي - إلى النار - مَن أزيائها عبدوا
وللتقية مولاها وخالقها
جلّ المليك الإله الواحد الأحد!

التسميات: