الأربعاء، 28 أغسطس 2024

ذلك ماكنا نبغ. أحمد علي سليمان

قصيدة
                         (ذلك ما كنا نبغ منذ اليوم!)

                   شعر / أحمد علي سليمان عبد الرحيم

            ديوان: (السليمانيات) & جزء: (سويعاتُ الغروب!)

موقع: (الديوان) & موقع: (عالم الأدب) & موقع: (الشعر والشعراء) & موقع: (أدب – الموسوعة العالمية) & موقع: (كتوباتي) & مكتبة: (نور) & موقع: (التبراة)

    (أورد صاحب تذكرة الحفاظ (1/160) وكذلك صاحب وفيات الأعيان(2 / 511) ما نصه: (ورد أن أبا جعفر المنصور استدعى طاووساً - أحد علماء عصره – ومعه مالك بن أنس – رحمه الله تعالى - فلما دخلا عليه ، أطرق ساعة ثم التفت إلى طاووس وقال له: حدثني عن أبيك. فقال: حدثنى أبي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجلٌ أشركه الله في حُكمه فأدخل عليه الجور في عدله". فأمسك ساعة. قال مالك: فضممت ثيابي مخافة أن يملأني من دمه ، ثم التفت إليه أبو جعفر وقال: عِظني يا طاووس. قال: نعم يا أمير المؤمنين ، إن الله سبحانه وتعالى يقول: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد ، إرم ذات العماد ، التي لم يُخلق مثلها في البلاد ، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وفرعون ذي الأوتاد ، الذين طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد ، فصب عليهم ربك سوط عذاب ، إن ربك لبالمرصاد). قال مالك: فضممت ثيابي مخافة أن يملأني من دمه. فأمسك عنه ثم قال: ناولني الدواة ، فأمسك ساعة ، ثم قال: يا طاووس ناولني هذه الدواة. فأمسك عنه. فقال: ما يمنعك أن تناولنيها؟ فقال: أخشى أن تكتب بها معصية لله ، فأكون شريكك فيها! فلما سمع ذلك قال: قوما عني. قال طاووس: ذلك ما كنا نبغ منذ اليوم. قال مالك: فما زلت أعرف لطاووس فضله. وهذا الموقف بين أبي جعفر المنصور وطاووس مشهور للغاية ، وله دلالته على نزاهة العلماء الأتقياء وشجاعتهم. فكتبتُ إعجابي بطاووس بن كيسان أقول:)

مواقفُ الصِّيد آياتٌ مِن الفخرِ
هيَ المناراتُ في مسالك الخيرِ
تضيئُ دربَ الورى بالخير يُتحفها
كما أضاء بها مِن سالف الدهر
وتفهمُ الكل أن العِلم ذو شرفٍ
وأن أهليه أشرافٌ ذوو قدر
 هم الأشاوسُ بالأخلاق قد عُرفوا
وهم حُماة الهُدى والدين والفكر
لا يركنون - إلى الظلاّم - أجمعهم
إذ الركون لهم يُفضي إلى الخسر
بل يصدعون بلا خوفٍ بما أمروا
مستحضرين الذي يرجون مِن أجر
وباذلين مِن الإقدام ما ادخروا
وفي القلوب يواقيتٌ مِن الصبر
وكم (لطاووسَ) مِن ذكرى مشرفةٍ
في الخير إنْ برزتْ كوامنُ الشر
إن كان مَن حكموا في علمهم زهدوا
فذاك أزهدُ في الأموال والقصر
فلا يتوق إلى دنيا لهم ضحكتْ
وإن أتته بلا جهدٍ ولا عُسر
أراه أهدى إلى (المنصور) موعظة
أغلى مِن الماس والياقوت والدر
وخاف مالكُ إذ رأى عواقبها
فجمّع الثوب يخشى مِن دم العقر
لكنما صرّح (المنصور) مُنفعلاً
اغربْ عن الوجه! (يا طاووسُ) بالأمر
فقال: هذا الذي قد كنتُ أطلبه
كيلا أعِين على ظلمٍ ولا جَور
وعاش مالكُ يُعْلي شأن صاحبه
ويَذكرُ الموقفَ الميمونَ بالفخر!

التسميات: